متاحف قطر تحتفي بـ20 عاما على تأسيسها و50 عاما من عطاء «قطر الوطني»
شاركت متاحف قطر في الدورة السابعة والأربعين للجنة التراث العالمي، التي تجرى في الفترة بين 6 و16 يوليو الجاري بمقر اليونسكو بالعاصمة باريس، حيث نظمت احتفالية بمناسبة مرور عشرين عامًا على تأسيس متاحف قطر وخمسين عامًا على انطلاقة متحف قطر الوطني.
وتحت شعار “أفق يتجاوز المتاحف”، نظمت متاحف قطر فعالية خاصة وحفل استقبال رسمي بمناسبة هاذين الحدثين البارزين، حيث وقف المشاركون على التزام دولة قطر الراسخ بدعم الدبلوماسية الثقافية وتعزيز الحوار الحضاري، ورؤيتها المستقبلية الهادفة إلى تحويل المتاحف إلى منصات نابضة تجمع بين الإبداع، والتعليم، وصون التراث، والابتكار.
وقال السيد محمد سعد الرميحي، الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر: “إن تخليدنا الذكرى السنوية لأحداث تاريخية في مسيرتنا لَتجسيد لرؤية سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، سيرًا على نهج التنمية الوطنية الحكيم الذي رسمه كل من سمو الأمير الوالد وحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى. وعلى مدى أكثر من نصف قرن، ظلّت بلادُنا ماضية في جعل الثقافة جسرًا للحوار والتقارب بين الشعوب، ومنصة لاكتشاف وصقل المواهب المحلية والإقليمية وتقديمها للعالم بأبهى صورة. ومع احتفالنا بمرور عشرين عامًا على تأسيس متاحف قطر، نواصل هذه الرحلة الإبداعية التي لا نقتصر فيها بالحفاظ على ثقافتنا، وإنما أيضًا بعيش تفاصيلها، ومشاركتها مع الآخرين، والدأب على بث روح جديدة فيها”.
وجمعت الاحتفالية في باريس نخبةً من القادة الثقافيين والدبلوماسيين والمعنيين بشؤون التراث من مختلف أنحاء العالم، من بينهم سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب، المندوب الدائم لدولة قطر لدى اليونسكو. وتخلل الحدث عدد من الكلمات الرئيسية والعروض التقديمية، من بينها كلمة ألقاها السيد محمد سعد الرميحي، استعرض خلالها مسيرة متاحف قطر ومتحف قطر الوطني، وما شهداه من تطور، مُبرزًا الزخم المتواصل للمشهد الثقافي في قطر ودور متاحف قطر المحوري في صياغته.
جهود متواصلة
وقال سعادة الدكتور ناصر بن حمد الحنزاب، المندوب الدائم لدولة قطر لدى اليونسكو: “إن الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس متحف قطر الوطني خلال الدورة السابعة والأربعين للجنة التراث العالمي لعام 2025، يعكس جهود دولة قطر في الترويج لتراثها الوطني ووضعه على خارطة الثقافة والتنمية العالمية من خلال اتفاقيات وبرامج اليونسكو الثقافية. وما تزال هذه الجهود متواصلة بالتنسيق مع متاحف قطر لدعم أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتراث، وتمكين المجتمع المحلي من حماية التراث الثقافي والطبيعي لدولة قطر”.
وجاء في تصريح الدكتورة فاطمة حسن السليطي، مدير إدارة التعاون الدولي والشؤون الحكومية في متاحف قطر، والخبير الوطني لدى منظمة اليونسكو، حيث عبرَّت قائلة: “نشعر بالفخر الكبير لرؤية متحف الوطني مُدرجًا ضمن برنامج الاحتفالات بالذكرى السنوية لليونسكو، وهو ما يُعد تقديرًا لإسهاماته القيّمة في المشهد الثقافي والتراثي والمتحفي على مستوى العالم. إننا في متاحف قطر ملتزمون التزامًا عميقًا بصون تراثنا، وهذا التقدير هو تتويج لخمسين عامًا من الجهود الحثيثة لحماية وإبراز الإرث الثقافي الغني لدولة قطر ومشاركته مع العالم. ويُضفي الاحتفاء بهذه الذكرى المميزة خلال الجلسة 47 للجنة التراث العالمي بُعدًا استثنائيًا لهذه المناسبة”.
منارة تاريخية
تجدر الإشارة إلى أن متحف قطر الوطني، الذي تأسس عام 1975 تحت اسم “المتحف الوطني” كأول متحف في منطقة الخليج، يُكرس جهوده للتعبير عن هوية قطر الوطنية وتاريخها وتراثها والحفاظ عليها للأجيال القادمة. ويتميز مبناه المذهل بتصميمه المعماري المبتكر الذي أبدعه المهندس العالمي جان نوفيل، وتُقدّم قاعات عرضه الحديثة تجربة غامرة تنقل الزائرين إلى قلب سرديات البلاد الوطنية، وتبقيها حيّة لشعب قطر وزوارها من مختلف أنحاء العالم.
وعلَّق الشيخ عبد العزيز بن حمد آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني، قائلًا: “لقد نما متحف قطر الوطني ليُصبح مساحة فريدة تلتقي فيه التقاليد بالابتكار، نسمَع فيه أصوات أبناء وطننا في الماضي والحاضر، ونحتفي بها. وطوال العشرين عامًا الماضية، أسست قيادة سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، والتزامها الراسخ بالثقافة والتراث، قاعدة صلبة لهذه الرحلة التي تمتد لأكثر من خمسين عامًا منذ انطلاق متحف قطر الوطني. واليوم، يقف المتحف شاهدًا على تلك الرؤية الرشيدة؛ فهو ليس سجلًا لتراثنا فقط، بل هو منارة تُلهم الأجيال القادمة وتزرع فيهم الاعتزاز بتاريخ أمتنا والإسهام في إثرائه”.
وتعززت الأهمية الثقافية لمتحف قطر الوطني هذا العام من خلال إدراجه ضمن برنامج الاحتفالات بالذكرى السنوية لليونسكو، إلى جانب إضافته للقائمة التمهيدية للمواقع المرشحة للإدراج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهو ما يُعد خطوة بارزة نحو الحصول على الاعتراف الكامل.
مظلة جامعة
أصبحت متاحف قطر، منذ تأسيسها عام 2005، مظلة جامعة لمؤسسات عدة منها متحف قطر الوطني، ومتحف الفن الإسلامي، و3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي، ومتحف: المتحف العربي للفن الحديث. كما تحتضن متاحف قطر مراكز للإبداع مثل M7 ومطافئ: مقر الفنانين، اللذان يدعمان الفنانين والمصممين الصاعدين في مجال الصناعات الإبداعية، إلى جانب برنامج الفن العام الواسع النطاق، والذي يعرض أعمالًا فنية عالمية المستوى لفنانين محليين وإقليميين ودوليين في الأماكن العامة بمختلف أنحاء الدولة. وتندرج تحت مسؤوليتها أيضًا مواقع التراث الثقافية التي تقف شاهدًا على تاريخ قطر الغني.
تُكرّم المنظومة الثقافية لمتاحف قطر هذا التلاحم العميق بين التراث والحداثة، ما يرسخ مكانة قطر كمركز مرموق للتبادل الفني والفكري. وتطلق متاحف قطر هذا العام، احتفاءً بإنجازاتها البارزة، احتفالية بعنوان “أمة التطوّر”، وهي حملة تمتد على مدار 18 شهرًا، تُبرز مسيرة قطر الثقافية الحيوية على مدى العقود الخمسة الماضية، وتسهر على تنظيمها “قطر تُبدع”، وهي حركة وطنية تُرسّخ مكانة قطر كمركز عالمي للفنون والثقافة والإبداع. وتُلقي الحملة الضوء على أهم الإنجازات الثقافية للدولة وتُبرز تطلعاتها الطموحة.
ويمثل الاحتفال بهذه المحطات التاريخية تكريمًا للماضي وإعلانًا طموحًا للمستقبل، ويؤكد من جديد التزام متاحف قطر بأن تكون أكثر من مجرد شبكة متاحف؛ فهي قوة دافعة للثقافة والإبداع والتواصل داخل قطر وخارجها. يُصادف هذا العام الهام إطلاق حملة “أمة التطور” وهي مبادرة وطنية تمتد على مدار 18 شهرًا، تحتفي بالمسيرة الثقافية لدولة قطر، التي بدأت بتأسيس المتحف الوطني وصولًا إلى المنظومة المتنامية من المؤسسات التي تفخر متاحف قطر بتمثيلها اليوم.