المكتبة الوطنية تدشن مؤتمر الدوحة الرابع لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية
افتتحت مكتبة قطر الوطنية النسخة الرابعة من مؤتمر الدوحة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تحت شعار “الاستعداد للأزمات وحماية التراث الثقافي: من الوقاية إلى التعافي” بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين وصناع السياسات والمسؤولين الحكوميين بهدف تعزيز الجاهزية المؤسسية وتعزيز جهود التعاون العالمي لحماية التراث الثقافي في أوقات الأزمات.
يقام المؤتمر تحت مظلة برنامج “حماية”، إحدى مبادرات المكتبة لحفظ التراث الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبتنظيم مشترك بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي لدول الخليج واليمن والسفارات الفرنسية والإيطالية والأمريكية في الدوحة.
شهد يوم الافتتاح نقاشات مثمرة حول تقاطع حماية التراث مع الاستجابة للأزمات، حيث تناولت الجلسات الحوارية قضايا بالغة الأهمية مثل الاتجار غير المشروع بالآثار في الشرق الأوسط، ومسؤوليات المؤسسات بموجب مدونة أخلاقيات المجلس الدولي للمتاحف واتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (اليندروا)، ودور التراث الثقافي في تعزيز الاستقرار السياسي.
خلال كلمته الافتتاحية صرح سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، قائلًا: “مؤتمر الدوحة الرابع لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية ليس مجرد منصة للحوار، بل هو دعوة لتكثيف التعاون الإقليمي والدولي، وتوحيد الجهود بين المؤسسات والشركاء الدوليين، وتفعيل برامج عملية مثل برنامج ‘حماية’ الذي أطلقته المكتبة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي وبناء قدرات المؤسسات في مواجهة التحديات التي تهدد هوية الشعوب وذاكرتها الجماعية. إن حماية التراث مسؤولية مشتركة وواجب أخلاقي وإنساني، تحفظ هوية الشعوب، وتدعم استقرار المجتمعات، وتبني جسور الحوار بين الحضارات”.
وحول أهمية توقيت انعقاد المؤتمر أضاف: “نلتقي اليوم في وقت نشهد فيه تدميرًا ممنهجًا للذاكرة الثقافية في غزة، حيث طالت القذائف المساجد والأسواق والمكتبات والمخطوطات النادرة، في كارثة ثقافية وإنسانية تستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي. ومن هنا، فإن استضافة مكتبة قطر الوطنية لهذا المؤتمر تعكس التزامها العميق بدورها الاستراتيجي في حماية التراث الثقافي وتنسيق الجهود والشراكات الإقليمية وتبادل الخبرات والابتكار في الحفظ الرقمي، وترسيخ مكانة قطر في احتضان التراث الإنساني والحضاري”.
إجراءات جماعية
في كلمتها الافتتاحية، قالت هوسم تان، المدير التنفيذي لمكتبة قطر الوطنية: “يركز مؤتمرنا اليوم على اتخاذ إجراءات جماعية لحماية تراثنا الثقافي. وبتكاتف جهودنا معًا، نرسم مسارًا يصل بنا إلى مؤسسات أقوى وأكثر صمودًا وأفضل استعدادًا لمواجهة الأزمات”.
وأضافت: “تلتزم مكتبة قطر الوطنية برسالتها في صون التراث الثقافي للأجيال القادمة عبر تطبيق نهج شامل يجمع بين التخطيط المسبق وتنسيق السياسات والقوانين، والاستعداد للأزمات. وسنواصل جهودنا لضمان تزويد المكتبات والمتاحف والمؤسسات الثقافية بالخبرة والموارد اللازمة للاستجابة السريعة والفعالة في أوقات الأزمات”.
وعلى مدى أربعة أيام، يناقش المؤتمر من خلال برنامج زاخر بالجلسات، محاور رئيسية تشمل الأساليب المبتكرة لحماية التراث، وسبل التأهب للطوارئ، وتعزيز التعاون في مجال تطبيق القانون، بالإضافة إلى استراتيجيات التعافي في مرحلة ما بعد الأزمات.
وفي هذا السياق، صرّح سعادة السيد باولو توشي، سفير إيطاليا لدى دولة قطر، قائلًا: “تفخر إيطاليا بمشاركتها في مناقشات مؤتمر الدوحة الرابع حول سبل التصدي للاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. فحماية التراث الثقافي ليست واجبًا أخلاقيًا فحسب، بل هي مسؤولية جماعية لصون ذاكرة البشرية وهويتها وإبداعها. ولطالما كانت إيطاليا في صدارة الجهود العالمية الرامية للحفاظ على الكنوز الثقافية ودعم المساعي الدولية لمكافحة تهريبها والاتجار غير المشروع بها”.
الإدارة الرشيدة
وأضاف سعادته: “تتمحور مساهمة إيطاليا في المؤتمر في تبادل الخبرات حول صون مواد التراث الثقافي والآثار، مع إبراز الدور المحوري الذي تضطلع به المتاحف والمؤسسات الثقافية وهواة الجمع في حفظ القطع الأثرية التاريخية وحمايتها. ومن خلال تشجيع الإدارة الرشيدة للمقتنيات، وتطبيق الشفافية في عمليات الاقتناء، وتوثيق التعاون بين القطاعين العام والخاص، تؤكد إيطاليا على ضرورة إتاحة التراث الثقافي للمجتمع بأسره، وصون رسالته المجتمعية والتعليمية”.
من جهته، أكد سعادة السيد أرنو بيشو، سفير فرنسا لدى دولة قطر، التزام فرنسا الراسخ وتصميمها على مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، مشيرًا إلى حرص بلاده على توطيد أواصر التعاون مع قطر وتعزيزها على جميع الأصعدة الحكومية والإدارية وفي إدارة المتاحف في كلا البلدين، بهدف تضافر الجهود لمكافحة هذا الخطر الهائل الذي يهدد تراث الإنسانية جمعاء.
كما صرحت ستيفاني ألتمان-وينانز القائمة بالأعمال لدى السفارة الأمريكية في الدوحة ، قائلة: “إن حماية التراث الثقافي لا تقتصر على الحفاظ على الماضي فحسب، بل تتعلق بالحفاظ على الهوية والمرونة والروابط المشتركة بين الدول. تفخر الولايات المتحدة بدورها الريادي في الحفاظ على التراث الثقافي وحمايته. من خلال العمل معًا عبر التخصصات والحدود، يمكننا مساعدتكم في ضمان حماية كنوز الشرق الأوسط وما وراءه للأجيال القادمة”.
يأتي انعقاد هذا المؤتمر الذي يتضمن العديد من الزيارات والأنشطة للوفود المشاركة في المعالم القطرية أبرزها زيارة لمتحف قطر الوطني ليجسد التزام دولة قطر المستمر والراسخ بالحفاظ على التراث الثقافي في المنطقة والعالم.