كشف المهندس بدر محمد المير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، في رسالة موجهة إلى جميع مسافري الناقلة الوطنية، عن تفاصيل غير مسبوقة لأزمة تشغيلية طارئة واجهتها الشركة هذا الأسبوع، عقب إغلاق مفاجئ للمجال الجوي لدولة قطر وعدة دول خليجية مجاورة، ما أدى إلى شلل مؤقت في العمليات التشغيلية على نطاق عالمي.
وأوضح المير أن الخطوط الجوية القطرية اضطرت، في مساء يوم الإثنين الموافق 23 يونيو، إلى تعليق جميع رحلاتها الجوية بشكل فوري بعد إعلان إغلاق المجال الجوي لدولة قطر في تمام الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي. وبعد دقائق، أُغلقت الأجواء أيضًا في كل من مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، مما أدى إلى توقف تام في العمليات بمطار حمد الدولي، أحد أكثر المطارات ازدحامًا واتصالًا في العالم، بينما كانت نحو 100 طائرة تقترب من الدوحة أو على وشك الإقلاع منها.
وجاء هذا التوقف بالتزامن مع تصعيد أمني تمثل في هجوم إيراني على قاعدة العديد الجوية، تصدت له الدفاعات الجوية القطرية بنجاح، مما استدعى تفعيل خطط طوارئ لحماية المدنيين وضمان السلامة العامة.
وبحسب المير، اضطرت القطرية إلى تحويل أكثر من 90 رحلة جوية تقل أكثر من 20 ألف مسافر إلى مطارات بديلة، توزعت على السعودية (25 رحلة)، تركيا (18)، الهند (15)، سلطنة عمان (13)، الإمارات (5)، إضافة إلى مطارات أوروبية كبرى في لندن وبرشلونة وغيرها.
وفي الدوحة، وجد أكثر من 10 آلاف مسافر أنفسهم عالقين في منطقة الترانزيت بالمطار، في لحظة وصفها المير بأنها من أكثر اللحظات تعقيدًا في تاريخ الشركة الحديث، حيث واجهت الفرق التشغيلية تحديات غير مسبوقة تتعلق بإعادة تنظيم الطائرات والطاقم وتوفير الخدمات اللوجستية للمسافرين.
وأشار المير إلى أن طواقم الطيران تجاوزت الحد القانوني لساعات العمل، وتم إخراج العديد من الطائرات من مواقعها التشغيلية المعتادة، فيما انتظرت أخرى في المطارات الخارجية لحين السماح لها بالعودة إلى الدوحة. كما تم تعليق أكثر من 151 رحلة بشكل فوري، واضطر مركز التحكم إلى إعادة جدولة الشبكة بالكامل يدويًا وفي وقت قياسي، في ظل غياب أي سيناريو مشابه سابق.
ومع إعادة فتح المجال الجوي بعد منتصف ليل 24 يونيو، بدأت الطائرات المعاد توجيهها بالعودة تدريجيًا إلى الدوحة، ما ساهم في رفع عدد ركاب الترانزيت في المطار إلى أكثر من 22 ألفًا بحلول الساعة 5 صباحًا من نفس اليوم.
ولم تألُ الخطوط الجوية القطرية جهدًا في توفير الدعم الكامل للمسافرين، حيث تم تأمين الإقامة الفندقية لأكثر من 4,600 مسافر باستخدام أكثر من 3,200 غرفة فندقية، إلى جانب توزيع أكثر من 35 ألف وجبة طعام، وتوفير وسائل الراحة، والمياه، والخدمات الطبية، والمساعدة في استخراج التأشيرات وتجديدها لمن لزم الأمر. كما تم تسريع إجراءات إعادة الحجز وتوزيع بطاقات الصعود للرحلات الجديدة.
وأكد المير أن فرق العمل من مختلف أقسام المجموعة توجهت ميدانيًا لتقديم الدعم المباشر للمسافرين، بمن فيهم كبار السن، والعائلات، وأصحاب الحالات الطبية، بينما تم تعزيز الطاقة الاستيعابية على الطائرات المتجهة إلى الوجهات المتأثرة، ورفع عدد موظفي مراكز الاتصال لمواكبة الطلب العالمي الكبير.
وقد سمحت السياسة المرنة التي اعتمدتها الشركة للمسافرين الذين لم يباشروا رحلاتهم بإعادة الحجز أو استرداد قيمة التذاكر دون رسوم.
وبحلول مساء يوم الثلاثاء 24 يونيو، شغّلت الخطوط الجوية القطرية 390 رحلة، فيما أكمل نحو 20 ألف مسافر رحلاتهم خلال 24 ساعة فقط من وقوع الحدث، وغادر أكثر من 58 ألف مسافر من الدوحة، في إنجاز يعكس مدى التنسيق والاحترافية في إدارة الأزمة.
وفي اليوم التالي، الأربعاء 25 يونيو، استعادت الشركة انتظام عملياتها بالكامل تقريبًا، عبر تشغيل 578 رحلة مجدولة، ما يدل على كفاءة استجابة الخطوط الجوية القطرية وسرعة تعافيها من واحدة من أعقد التحديات التشغيلية التي واجهت أي شركة طيران في العالم.
وفي ختام رسالته، أعرب المهندس بدر محمد المير عن امتنانه العميق للمسافرين الذين أبدوا صبرًا وتفهمًا في مواجهة هذه الظروف الاستثنائية، كما تقدم بالشكر لجميع موظفي المجموعة وشركائها حول العالم على جهودهم الجبارة والتنسيق العالي الذي مكّن الشركة من تجاوز الأزمة بسرعة ومسؤولية.
وأكد المير أن ثقة ملايين المسافرين بالخطوط الجوية القطرية تُكتسب وتُحترم، وهي مسؤولية لا تُؤخذ باستخفاف، بل تستوجب التفاني والعمل المتواصل لتقديم الأفضل حتى في أصعب الأوقات.
